إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
80228 مشاهدة
وقت الذبح للأضحية والهدي

ووقت الذبح لأضحية وهدي نذر أو تطوع أو متعة أو قران بعد صلاة العيد بالبلد، فإن تعددت فيه فبأسبق صلاة، فإن فاتت الصلاة بالزوال ذبح بعده، أو إن كان بمحل لا تصلى فيه العيد، فالوقت بعد قدره أي: قدر زمن صلاة العيد. ويستمر وقت الذبح إلى آخر يومين بعده أي: بعد يوم العيد. قال أحمد رحمه الله: أيام النحر ثلاثة عن غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. والذبح في اليوم الأول عقب الصلاة والخطبة وذبح الإمام أفضل، ثم ما يليه. ويكره الذبح في ليلتيهما أي: ليلتي اليومين بعد يوم العيد خروجا من خلاف من قال بعدم الإجزاء فيهما.


وقت الذبح يبدأ بعد الانتهاء من صلاة العيد وخطبتها هذا بالنسبة للأضحية، وهكذا أيضا بالنسبة لدم التمتع والقران بمنى لا يذبح إلا بعدما يفرغ الخطباء من صلاة العيد.
قد يقول: إنهم لا يصلون؛ الحجاج لا يصلون صلاة العيد، لكن بقدرها، أو يسمعون خطبة الإمام في الحرم فإنها تصلى العيد في الحرم المكي فيسمعونها، فإذا انتهى من الخطبة، دخل وقت الذبح أو قدرها. يعني: يقدرون كم مقدار صلاة ركعتين بعد خروج وقت النهي يجهر فيهما بالقراءة وخطبتين متوسطتين؟ فإذا قدر ذلك مثلا بعد خروج وقت النهي بنصف ساعة، دخل وقت الذبح. لو قدرنا مثلا: بعد طلوع الشمس ربع ساعة لخروج وقت النهي، ونصف ساعة مقدار صلاة الركعتين، ومقدار خطبتين خفيفتين. أي: بعد طلوع الشمس بنحو ساعة إلا ربع يدخل وقت الذبح.
أما إذا كانت تصلى فلا يبدأون إلا بعد أن ينتهوا من صلاة العيد وخطبتيها؛ نشاهد أن كثيرا من العامة لا يحضرون الخطبة، بل عندما ينتهي من صلاة العيد ركعتين يقومون أفواجا ولا يبقى إلا القليل، ثم يذهبون إلى بيوتهم وفيها الأضاحي ويذبحون، وهذا خطأ. نقول لهم: لا تذبحوا إلا بعد الانتهاء من الخطبتين؛ لأن الإمام يخطب خطبتين يجلس بينهما جلسة كخطبتي الجمعة؛ فلا يجوز أن يذبحوا قبل أن ينتهي الإمام إذا كانوا في قرية ولا يصلى فيها إلا في مكان واحد.
أما في المدن: فمعلوم أنها تتعدد في الرياض مثلا أكثر من عشرين موضعا تصلى فيها صلاة العيد، يُنظر إلى أسرعهم. يقال: أسرعهم الذي ينتهي من الصلاة والخطبتين في نصف ساعة، في ثلثي ساعة، يبدأ الذبح بعده. فأما الذبح قبل الانتهاء فإنه لا يجزئ، وتصير شاته شاة لحم؛ ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم- قال: من ذبح قبل الصلاة فشاته شاة لحم قبل الصلاة، وقال: إنا نصلي، ثم ننصرف، ثم نذبح وأخبر بأن: من قدم الذبح فإنما هو لحم قدمه لأهله فلا يجزئ. فيتثبت الذابح فلا يذبح إلا بعدما يتأكد من الانتهاء من صلاة العيد. هذا ما يتعلق بالوقت.
أما مدته فأشهر الروايتين عن الإمام أحمد أنها ثلاثة أيام: يوم العيد ويومان بعده. يقول أحمد أيام الذبح ثلاثة عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. يعني: يوم العيد واليوم الذي يليه واليوم الثاني من أيام التشريق، هكذا قالوا. والرواية الثانية: أنها أربعة: يوم العيد وثلاثة أيام بعده، وهي أيام منى وأيام التشريق. وهذا هو الذي عليه العمل أنها أربعة؛ وذلك لأنها كلها أيام منى وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن أيام منى أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل وهي التي أمر الله بالذكر فيها في قوله تعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ يعني: أيام منى أيام التشريق؛ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ المراد: في يومين من أيام التشريق، من تأخر إلى اليوم الثالث: فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى أفاد أن هذا، أنه كلها أيام ذكر فتكون أيضا أيام ذبح؛ لأن من الذكر: الذكر عن الذبح.
ومن الذكر: الذكر عند الأكل؛ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ واذكروا عقب الصلوات وهو التكبير المقيد، اذكروا الله عند الرمي، رمي الجمرات، اذكروا الله عند الذبح، ذبح الهدي أو ذبح دم التمتع أو القران، اذكروا الله عند الأكل من هذه اللحوم... لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ثم ما دام أنها كلها أيام منى وأيام التشريق فلا مانع من أن تكون كلها أيام ذبح؛ ولأن فيه توسعة على الناس، ليس كلهم يجدون هذه الأضحية في الأيام الثلاثة؛ قد تتأخر فلا يجدها إلا في اليوم الرابع الذي هو الثالث عشر، فله والحال هذه أن يذبحها. وقت الذبح في النهار، ويجوز في الليل مع الكراهة، فإن هناك من ذهب إلى أنه لا يجزئ، ولكن إنما هو للكراهة. وسبب الكراهة أنه قد يستخفي بها عن الفقراء، يذبحها ليلا حتى لا يُفطن له. إذا ذبحها نهارا ومر عليه الفقراء، وأخذوا يقولون: أعطني قطعة! أعطني قطعة! ولكن معروف أنه في هذه الأزمنة: اللحوم تبقى. في منى كثيرا لا ينتفع بها، بل تحرق أو تدفن. فما دام أنها كثيرة، فالفقراء يستغنون. يعني: غالبا، وإن كان هناك من لا يسأل أو لا يأتي إلى المجزرة ليأخذ.
فبكل حال، الذبح ليلا إذا عرف أنه سيوزعها ويعطيها لمستحقها، أجزأه ذلك، وإن خاف مثلا أنه لا يجد أو أنه...، فهو مكروه.
..يعني: يقول: من الأولى أن الإمام يذبح، الخطيب يبدأ بالذبح، ثم بعد ذلك يذبح الذين يلونه.
..بعد الانتهاء من الصلاة والخطبة.
..ما قدرت بدقائق لكنها مقدرة بقدر رمح. يعني: ارتفاع الشمس قيد الرمح. الرمح يختلف النظر إلى العين لكن الاحتياط أنها ربع ساعة. نعم.